دكتور جلال رضائي نور في حديثه مع مراسل إيرنا؛ كورونا، على الرغم من المشكلات التي أحدثها، سيترك أثرًا إيجابيًا على اقتصاد إيران على المدى الطويل.

رئيس الجامعة الفنية في قم والمحلل الاقتصادي قال: إن كورونا رغم المشاكل التي أحدثتها ستترك أثرًا إيجابيًا على إقتصاد إيران على المدى الطويل.
وفقًا لتقرير العلاقات العامة للجامعة، تحدث الدكتور جلال رضائي نور في مقابلة مع مراسل إرنا عن الأسئلة المتعلقة بكيفية تأثير كورونا على إقتصاد إيران والعالم. نص هذه المقابلة تم نشره في وكالة إرنا على العنوان https://www.irna.ir/news/83802633/ كما هو موضح أدناه.
-  كيف أثر انتشار كورونا على التغيرات الاقتصادية في قم ؟
على مستوى المحافظة، كنا مواجهين بشكل طبيعي مع مشاكل مثل الركود في الأعمال التجارية الخاصة وغير الربحية، وناقشنا مسألة قيود التنقل إلى قم والأماكن المقدسة التي أدت إلى مشاكل للأعمال الصغيرة في المحافظة.
 التغييرات الأخرى التي واجهناها على مستوى المحافظة بسبب كورونا والتي لها جوانب إيجابية تتمثل في موضوع تطوير إقتصاد الصحة والرعاية الصحية، حيث شهدنا زيادة كبيرة في خدمات المجال الطبي خلال هذه الفترة وتطوير إقتصادها.
تقدمت هذه العملية إلى حد أن قدرة القطاع الصحي في قم تم تقديمها على مستوى البلاد والعالم، وتم التعريف بهذه المحافظة كقطب طبي هام، مما أدى إلى تواصل المتخصصين في المجال الطبي من مختلف أنحاء البلاد وحتى من دول أخرى مع أساتذة جامعة العلوم الطبية في قم للاستفادة من خبراتهم في مواجهة أزمة فيروس كورونا.
في الأيام الأولى من انتشار فيروس كورونا، كانت إحدى النماذج المتاحة لمواجهة هذه الظاهرة هي النموذج المستخدم في الصين، وبعده تم تطبيق النموذج الذي تم تنفيذه في إيران ومدينة قم. لم يكن من الممكن تنفيذ النموذج الصيني بسبب القيود الهيكلية وموضوع الحجر الصحي الكامل والصرامة العسكرية في العديد من البلدان.
في هذه الظروف، قامت إيران بتدبير جيد وتمت إدارة الأمور بشكل ممتاز، وفي المجال الطبي حققنا إنجازات قيمة، واستطعنا بجهود مضنية إدارة قضية انتشار فيروس كورونا وعرض تجربتنا في هذا المجال على دول أخرى.
تتشارك تأثيرات كورونا في المجالات الاقتصادية على المستويات الإقليمية والوطنية بشكل كبير، لكن تأثيراتها في القطاع الإقليمي برزت أكثر في مجال الزيارات والسياحة.
أحد القيود الأخرى التي نتجت عن كورونا في قم كان أن العديد من الصناعات الموجودة في المحافظة واجهت مشاكل في نقل المنتجات إلى مناطق أخرى، حيث كانت السائقون يتجنبون دخول قم خوفًا من كورونا، وكان هذا الموضوع جدياً جدًا في شهر اسفند من العام الماضي، لكن الوضع الآن قد تحسن.
قم نشطة جدًا في إنتاج وتصدير بعض المنتجات الاستراتيجية مثل البوليمر، وظهور مشاكل في نقل السلع، خاصة في شهر اسفند العام الماضي، أثر سلبًا على هذا القطاع.
-  كيف أثر انتشار كورونا على التغيرات الاقتصادية على المستوى الوطني؟
على المستوى الوطني، ساهم كورونا في زيادة ملحوظة في الاقتصاد الصحي وجذب الانتباه له، كما تسارعت الأنشطة في الاقتصاد الرقمي وتجارة الإلكترونية بشكل كبير.
حظيت قضية استبدال النقود الإلكترونية بالنقد الورقي باهتمام كبير، وهذه من بين التغييرات الإيجابية التي أحدثها فيروس كورونا في الاقتصاد الوطني.
لقد جعل انتشار فيروس كورونا العائلات تعير اهتمامًا كبيرًا لقضية الصحة العامة، وهذا سيسهم في زيادة مستوى الاستثمارات في النظام الطبي في البلاد.
كان الاقتصاد القائم على المعرفة مجالًا آخر حظي بالاهتمام بسبب كورونا في البلاد، وتمتع بزيادة بنشاطاته، واستخدمت الفضاء الافتراضي لخلق العديد من الفرص للنشاطات التجارية المبتكرة.
أحد المواضيع الاقتصادية الأخرى التي لعب فيها كورونا دورًا هو الاهتمام الأكبر بالسوق المالية لتأمين التمويل، إن اهتمام الحكومة بهذا القطاع وعملية الخصخصة يعد إيجابية ستسهم في تسريع عجلة الإنتاج.
في الواقع، فإن أفضل نوع من استثمار الأموال في الوقت الحاضر هو التواجد في السوق المالية، وهو ما قامت الحكومة بتوفير موارده بشكل أكبر؛ حيث إن المزيد من الناس اليوم يقضون وقتهم في مجال تداول الأسهم بدلاً من التحقق من صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، ما يوفر فوائد اقتصادية فردية واجتماعية.
سيمكّن دعم ورقابة الحكومة في نشاط السوق المالية مختلف شرائح الشعب من استغلال هذه الفرصة الاقتصادية بشكل أسرع، ومن المؤكد أن هذا سيساهم في إبعاد الشعب عن المشاركة في الأسواق غير المنتجةمثل سوق الذهب والعملات، مما سيؤدي إلى ازدهار الأعمال الصغيرة والكبيرة في البلاد في مجالات الإنتاج والخدمات المختلفة.
  - أي من التغييرات المذكورة تراه مستدامًا؟
إن تأثير كورونا في إقتصاد الصحة والرعاية الصحية، والعالم القائم على المعرفة، والاقتصاد الرقمي، وتطور الحكومة الإلكترونية ستظل مستدامة وطويلة الأمد، حيث ساعدتنا كورونا بلا شك في متابعة هذه الأمور بجدية أكبر، وأعتقد أن كورونا سيكون له تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي في إيران، ويجب علينا استغلال هذه الفرصة التي أوجدتها بشكل جيد.
أظهرت كورونا غنى الثقافة في بلادنا في التآزر ومساعدة بعضنا البعض بشكل جيد، وستبقى آثار هذا الدعم للمحتاجين في ذهن وروح المجتمع الإيراني كذكرى، وستلعب هذه المسألة بعد ذلك كنموذج في خلق فضاء الاقتصاد التشاركي وتفاعل الناس مع بعضهم البعض في المجالات الاقتصادية.
عززت كورونا الروابط بين الدين والمجتمع، وكان لدينا شهدنا كيف أن المؤسسات الدينية والحوارات العلمية، في وقت قصير، قدمت العون للشرائح المتضررة من كورونا، وكل منهم حاولوا معالجة المشاكل والعيوب التي نشأت. يبدو أن هذه الروح من التعاون والتآزر ستستمر لحل مشاكل الاقتصاد الوطني في مجالات متعددة.
ساعدت العمل الجماعي بشكل كبير في خفض الأسعار للسلع المتعلقة بالصحة والعلاج، مثل مواد التعقيم والكمامات، والتي شهدت ارتفاعًا كبيرًا، عبر المشاركة العامة وزيادة الإنتاج، عادت إلى الأسعار التوازنية، وسيبقى هذا النموذج في الأنشطة الاقتصادية في البلاد.
تشير هذه المسألة إلى مدى تأثير تعزيز رأس المال الاجتماعي وزيادة الثقة والتعاون بين الناس في تحسين البيئة الاقتصادية للبلاد، وقد كانت درسا كبيرا قدمته لنا كورونا.
 هل تعتبر كورونا ظاهرة تعتبر أزمة اقتصادية تحمل الكثير من المتاعب والمشاكل؟
تسببت كورونا في أضرار للاقتصاد الإيراني على المدى القصير، لكن على المدى الطويل، لأسباب مختلفة، لا تحمل مشاكل ضخمة، بل ستؤدي حتى إلى التنمية الاقتصادية لإيران وإيلاء المزيد من الاهتمام للقدرات الوطنية واستخدام أكبر من السلع المصنعة محليًا.
أكدت كورونا استعداد الاقتصاد الوطني للتصدي للتهديدات، وقد تم كشف هذه القدرة في العديد من المجالات، مثل القدرة على إنتاج السلع اللازمة، خاصة في قطاع الصحة والعلاج.
أظهر انتشار فيروس كورونا capacidad الاقتصادية لإيران ومرونتها في مواجهة الظواهر المحتملة للعالم، وستؤدي هذه المسألة على المدى الطويل إلى وجود اقتصادنا بشكل أكثر نشاطًا في الساحات الدولية.
إن تجربة مواجهة كورونا ستعزز من قدرة البلد لمواجهة التهديدات المستقبلية والتأثيرات الاقتصادية ذات الصلة، وهذا بالطبع مفيد لرفع القدرة التنافسية لإقتصاد إيران.
- مع اعتبار استمرار كورونا، ما هي الاقتراحات لديك في مجال الاقتصاد للعيش في هذه الظروف؟
أحد أهم المتطلبات للحفاظ على تطوير إقتصاد إيران في ظروف استمرار كورونا هو تعزيز نظام الصحة والعلاج في البلاد وتحديث بنيته التحتية في جميع المناطق؛ يجب اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز العدالة في جميع مجالات الصحة والعلاج لجميع الفئات، لأن هذه المسألة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الأمل في الحياة وتحفيز بيئة الأعمال.
يجب أن تظل الاستفادة من الخدمات الإلكترونية في نظام الإدارة الحكومية مستمرة وتعزز أكثر فأكثر، ويجب بسرعة استبدال نظام الحوكمة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي بالأساليب التقليدية.
الظروف الناتجة عن كورونا ساعدت في تعزيز البنية التحتية للحكومة الإلكترونية والشبكات ذات الصلة في البلاد، ويجب أن تستمر هذه العملية، ونسعى لتطوير قدراتنا من الناحية البرمجية والبرمجية بشكل أكبر.
ستساعدنا هذه المسألة في تقديم العديد من الخدمات اللازمة للناس في البلاد بشكل غير حضوري، وهو إنجاز كبير للنظام والقطاع الاقتصادي للبلاد، وكذلك يمنع التكاليف الضخمة والمشاكل مثل هدر الوقت، ويمثل دعمًا هامًا لنمو الشركات العاملة في مجال الرقمنة.
 - هل ستكون إيران بعد كورونا، من الناحية الاقتصادية، مختلفة عن إيران قبل كورونا؟
يبدو أن إيران بعد كورونا ستكون اقتصادية مختلفة عن ذي قبل، ومن تجربتنا في إدارة هذه الأزمة، ومن المحتمل أن نشهد كل يوم إنجازات جديدة في المجالات الاقتصادية وخاصة في قطاع الصحة والرعاية الصحية، والتي قد تملك القدرة على تصديرها للدول المتقدمة.
اليوم، كانت هنالك طفرة جيدة في علاقة الصناعة والجامعة لتلبية الاحتياجات الأساسية للبلاد، ونشهد يومياً مجموعات من الباحثين تعرض إنجازًا جديدًا للإنتاج، مما يظهر اتجاهًا نحو تعزيز المنتجات المحلية وصمود الاقتصاد في مواجهة العقوبات.
بعد كورونا، نشأت بيئة تنافسية جيدة بين الجامعات لإنتاج المنتجات الاستراتيجية، واستمرار هذه العملية سيساهم في تأمين السوق المحلي وزيادة حجم صادرات السلع الإيرانية إلى الأسواق العالمية وتحقيق العملة الصعبة.
في مجال اقتصاد التعليم أيضًا، لاحظنا تغييرات أساسية بعد كورونا، حيث أصبح الفضاء الافتراضي يلعب دورًا كبيرًا في تقديم التعليم والخدمات الأكاديمية وبقية المهارات للجمهور، محققًا فرصًا جديدة اقتصادية في هذا المجال.
استخدام أساليب الاستثمار الجماعي يعد من بين المجالات الأخرى التي ستلقى اهتمامًا أكبر في النظام الاقتصادي الإيراني بعد كورونا، حيث يمثل هذا الأمر إنجازًا كبيرًا لتأمين تمويل المشاريع الكبرى من خلال جمع المبالغ الصغيرة.
أظهرت أمثلة على فعالية هذه الطريقة أثناء تقديم المساعدة من قبل شرائح المجتمع المختلفة للمحتاجين في هذه الأوقات، كيف يمكن من خلال جمع المبالغ الصغيرة تقديم حجم كبير من الخدمات الاجتماعية والطرود الدعمة.
 - هل سيكون العالم بعد كورونا، من الناحية الاقتصادية، مختلفًا عن العالم قبل كورونا؟ 
نعم، سيكون العالم بعد كورونا مختلفًا، ومن بينها في مجال تعزيز الصحة والعافية في النظام الدولي؛ كانت الدول المتقدمة ملتزمة بنظام صحتها، لكن عدم قدرتها على إدارة انتشار فيروس كورونا جعلها تشعر بالضعف، وبالتالي سيبدأون بالتأكيد استثمارات جديدة في هذا المجال.
كشخص زار دول مختلفة، شاهدت الفارق بين نظام الصحة في دول العالم الثالث والدول المتقدمة، لكن كورونا ستحث على تقليل هذه الفجوة بشكل كبير، مما سيؤدي إلى تعزيز الصحة العامة والفردية في مجتمعات مختلفة، خاصة في البلدان النامية، وستقوى الاقتصاد في مجال الصحة على مستوى العالم.
تعزيز قطاع الصحة والعلاج في النظام الدولي سيزيد من حجم الاستثمارات والوظائف في هذا المجال، وسيغير النظرة العامة إلى مستوى الصحة الفردية والاجتماعية في الدول النامية، وسيؤدي ذلك في النهاية إلى زيادة تدفق السياح الدوليين للسفر إلى الدول النامية، حيث أن مستوى نظام الصحة والعلاج يعد دائمًا أحد أهم النقاط التي يُدرَسها السياح عند اختيار وجهة السفر.
- ما هي التدابير التي تقترحها لتحسين الحياة في إيران بعد كورونا؟
في هذه الظروف، لتحسين الحياة لابد من الانتباه إلى الاقتصاد القائم على المعرفة وأفكار الباحثين من المراكز العلمية في البلاد لإنتاج المنتجات الاستراتيجية؛ كما يجب العمل على تسهيل الظروف لإنشاء وتفعيل الأعمال الإلكترونية في البلاد، وتوفير التراخيص اللازمة بسرعة.
تقديم الحلول العملية من قبل الخبراء للمحافظة على التباعد الاجتماعي بجانب الانتباه لضرورة الحفاظ على نشاط قطاع الإنتاج والخدمات في البلاد هو أيضًا من الأمور المهمة الأخرى؛ على سبيل المثال، في هذا السياق، يمكن استخدام أساليب الإنتاج الجديدة التي تعزز من بقاء المنتج وتقوم بإلغاء الوسائط لتمكين السلعة من التسليم مباشرة للمستهلك عبر البريد بعد الشراء، مع مراعاة المعايير الصحية، مما يحافظ على نشاط الإنتاج.
تعد دعم الحكومة للأعمال الناشئة في ظروف ما بعد كورونا أمرًا ذا أهمية بالغة، ويجب أن يتمتع الفاعلون في القطاع الخاص ببعض مظلة الدعم في هذه الظروف.
تهيئة البيئة لاستقطاب السياح الدوليين بشكل عام يعد من الأمور التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في ظروف ما بعد كورونا، حيث يمكننا العمل على جذب السياح وفق الإرشادات الصحية، مما يتيح لنا تحقيق أرباح جيدة.
الآن، إن قدرات البلاد في القطاع الصحي والعلاجي أصبحت محل أنظار العالم، وهذه المسألة ستشكل عاملًا لجذب المزيد من السياح في مجالات مختلفة، خاصة مجال الصحة، مع ضرورة الحذر في عدم تبني أي سلوك تمييزي في بعض التسعيرات بين السياح المحليين والدوليين، حتى لا تصبح هذه الفرصة الاقتصادية غير مثمرة.